fbpx
مختصرات كتب

ملخص كتاب الطريق الى التفكير المنطقي

مقدمة

يعد هذا الكتاب دليلًا مُرشدًا للتفكير السليم دون الدخول في متاهات علم النفس أو علم المنطق، ويقدم للقارئ مدخلًا لفهم التفكير ومكوناته وطرق الحصول على الحقائق، مستعرضًا أهم وأبرز أخطاء التفكير والمغالطات المنطقية الأكثر شيوعًا التي يمكن أن نقع فيها أو تلك التي يستخدمها الآخرون للتأثير فينز

ما يحدث بالداخل؟

التفكير هو المصطلح الذي نستخدمه للتعبير عن الأنشطة المختلفة التي تقوم بها عقولنا، حيث يتنقل العقل بين مجموعة من الأفكار والصور سواء بشكل بطيء أو سريع، سواء في خط مستقيم أو بشكل غير منتظم. في النهاية، يبقى التفكير هو النشاط الأساسي وليس مجرد فراغ يعصف بعقولنا. توجد أنواع متعددة من التفكير؛ على سبيل المثال، هناك تفكير أحلام اليقظة الذي يستحوذ على جزء كبير من وقتنا، حيث نقضي الوقت في التفكير في أحداث خيالية أو مواقف نتمنى أن تحدث، مما يمنحنا شعورًا بالسعادة دون الحاجة إلى مجهود.

وبهدف تقديم تعريف أكثر دقة للتفكير، يمكننا اعتباره الحاجة للبحث عن إجابة لسؤال أو حل لمشكلة معينة، ثم نقوم بتحديد هذا التعريف بشكل أكبر من خلال استبعاد أنواع عديدة من الإجابات أو الحلول التي قد تظهر بشكل عرضي أو بسبب الإلهام المفاجئ أو نتيجة للمحاولة والخطأ. وبالتالي، يصبح التفكير بمثابة عملية البحث عن إجابة معينة أو ضرورة إيجاد حل لمشكلة ما أو اتخاذ قرار بناءً على المنطق. لذا، ما هو المنطق؟ إنه علم التفكير الواضح. بعد أن تعرفنا على مفهوم التفكير والمنطق، يمكننا تعريف التفكير المنطقي بأنه ذلك التفكير الذي نقوم به عندما نسعى لفهم الأسباب والعلل الكامنة وراء الأمور.

ولا يقتصر التفكير المنطقي على البحث عن الأسباب والنتائج فحسب، بل يشمل أيضًا الحصول على أدلة تدعم أو تنفي صحة وجهة نظرك. يساعدنا التفكير المنطقي على الوصول إلى أفضل إجابات لأسئلتنا ويمنحنا أنسب الحلول والقرارات للتعامل مع مشاكلنا.

عندما تعتمد التفكير المنطقي في حياتك اليومية، يمكنك وضع خطط أفضل لمستقبلك، بما في ذلك تلك المتعلقة بالعمل والحياة الأسرية. كما يحميك التفكير المنطقي من الدخول في دوائر مفرغة، مما يجعلك مواطنًا فعالًا يسهم في صنع القرار. فكيف يمكنك الحفاظ على حريتك دون أن يؤثر عليها الآخرون؟ وكيف تتعامل مع اختلاف وجهات النظر؟ هناك العديد من الأمور التي تشغل تفكيرنا، ويساعدنا التفكير المنطقي في التعامل معها بحكمة. ورغم أنه لا يضمن وجود حلول نهائية لجميع مشكلاتنا، فإنه يعزز من جودة إجاباتنا ويرتقي بها

فخ الألفاظ

كل ما يدور بداخلنا من أفكار ومشاعر سيظل حبيس أذهاننا ما لم نفصح عنه، كيف تخبر الآخرين أنك تبحث عن كلبك المفقود؟ إن مجرد تخيل التعبير عن ذلك برسم صورة للكلب أو الإشارة إلى الحيوان الذي يهز ذيله ويسير على أربع لهو أمر شاق، لذلك قديمًا استُعملت الألفاظ للتعبير عن الأفكار والمشاعر وللدلالة على المُراد، ولكن ثمة مشكلة تواجهنا بخصوص هذه الألفاظ، حيث نجد ألفاظًا كثيرة يدل الواحد منها على عدة أشياء ومعانٍ؛ فكلمة (يد) مثلًا لا تستطيع أن تغامر بحصرها في معنى واحد إذا جاءت منفردة هكذا، فقد تدل على الجزء العضوي المعروف من الجسم وقد تدل على القوة،

وعلى المساعدة أو المعاونة، وإنك لتعجب إذا طالعت المعاجم اللغوية المطوَّلة من معانٍ لم تكن لتخطر ببالك لألفاظ تعرفها.

إننا نحتاج إلى هذه الألفاظ في تفكيرنا المنطقي، فما التفكير المنطقي إلا نوع من المحادثة نقوم بها مع أنفسنا، وما الألفاظ إلا لبنات التفكير المنطقي،

ويتحدَّد معنى كل لفظ من خلال سياقه والألفاظ المرافقة له؛ أو بما يرافقه من حركات التعبير الجسدية والانفعالية، ولكن لسوء الحظ قد لا يكفي السياق لتحديد المعنى المراد بالضبط؛ فمثلًا هذه الجملة: “إن هذين الشخصين متساويان” قد تشير إلى التساوي بينهما في القوة العقلية أو في الوسامة أو في القوة، ويمكن أن تشير إلى أنهما متساويان في الطول أو الحجم أو الوزن، أو في الحقوق، ومن أشد الألفاظ التي تتعب الإنسان هي الألفاظ الدالة على أشياء غير ملموسة ويشترك فيها أكثر من معنى؛ كألفاظ الديمقراطية والحرية والأمانة، وغيرها.

نوع آخر من الألفاظ التي قد تضلِّلنا هي الألفاظ المبهمة، وتعني الصفات غير المحددة بدرجة معينة كـ(ثقيل) و(ناصع)، لذلك تحتاج إلى اتفاق عام على مقدار الدرجة لئلا يقع الخلاف، وهناك نوع ثالث هو الألفاظ المصبوغة بصبغة انفعالية تتضمَّن مشاعر سارة أو غير سارة، كالإشارة إلى مرشح بأنه سياسي مرة وأخرى بأنه حزبي؛ الأولى إيجابية والثانية سلبية تعني أنه نفعي

كيف نصل إلى الحقائق؟

توجد طرق متعددة لمعرفة الحقائق؛ منها ما يُدرك عن طريق الحواس ومنها ما يُفهم من خلال الأخبار. ورغم أننا نعتبر ما تدركه حواسنا حقيقة، إلا أنها قد تخدعنا أحيانًا؛ فعلى سبيل المثال، نرى بحواسنا أن الشمس تدور حول الأرض في حين أن الحقيقة هي العكس. ومن جهة أخرى، نصدق أخبارًا مثل أن جورج واشنطن كان أول رئيس للولايات المتحدة. عند التفكير في هذا الأمر، ستجد أن العديد من الحقائق التي نبني عليها أفكارنا هي حقائق مستندة إلى مصادر نقلية.

لا يقتصر القصور في وسائل اكتساب الحقائق ومعرفتها على هذا الجانب فقط، بل يوجد أمر آخر يستحق الإشارة إليه: الرأي. فالرأي لا يعدو كونه مجرد تخمين للحقائق، وليس الحقيقة في حد ذاتها. وهذا يقودنا إلى الحديث عن أهم طريقتين للوصول إلى الحقائق. الطريقة الأولى هي الوصول إلى التعميمات، حيث يعتبر التعميم حكمًا عامًا يحدد انطباق حكم ما على جميع أفراد المجموعة.

على سبيل المثال، يمكن أن نقول إن جميع الكراسي الموجودة في الغرفة مصنوعة من المعدن. يتضمن هذا النوع من التعميم الانتقال من الجزء إلى الكل، أي اختبار بعض أفراد المجموعة كنموذج ثم إصدار حكم عام على كافة أفراد المجموعة. ويُستخدم هذا النوع من التعميم غالبًا بسبب صعوبة فحص جميع الأفراد، لكن يجب توخي الحذر عند استخدامه، بحيث يتم فحص عدد كافٍ من أفراد النوع أو المجموعة، وأن تكون العناصر المفحوصة ممثلة جيدًا لنفس النوع أو المجموعة.

والطريقة الثانية هي وضع النظريات. تخيل أنك عدت إلى المنزل ولاحظت أن مكان صندوق الكعك قد تغير، وأن نصف محتوياته تقريبًا غير موجود، وأن هناك كتابين كبيرين على المقعد بالقرب من خزانة الطعام، بالإضافة إلى آثار تشبه فتات الخبز حول فم أخيك الأصغر. من غير المحتمل أن تفسر كل واحدة من هذه الأمور بشكل منفصل، بل سيتبادر إلى ذهنك تفسير واحد يُعرف ب(نظرية)، وهو أن أخاك الصغير قد أخذ شيئًا من صندوق الكعك!

مثلما هو الحال مع التعميمات، قد تكون بعض النظريات غير مفيدة. تتميز النظريات الجيدة بقدرتها على تفسير جميع الحقائق، وإمكانية اختبارها وإثباتها. وللأسف، لا يمكن اختبار جميع النظريات، وغالباً ما تكون تلك التي لا يمكن اختبارها غير مفيدة.

القياس وأخطاء القياس

لنفترض أنك قرأت مقالًا موثوقًا به عن كلية الطيران، وعلمت أن الكلية تشترط أن يكون عمر المتقدم أقل من 30 سنة، ثم ذكر صديق لك أن ابن أخيه (سامي) قد انضم إلى كلية الطيران، فإنك تستنتج من تلك المقدمتين أن (سامي) يقل عمره عن 30 سنة، ومثال آخر: تعرف أن الأشخاص الذين يكذبون لا يوثق بهم، وأن صديقك (رأفت) يكذب؛ إذن رأفت لا يوثق به،

وبما أن المقدمتين صادقتان فإن النتيجة صادقة أيضًا، وهذا هو الاستدلال القياسي أو القياس.

يبدو القياس وكأنه أسلوب سهل للتفكير المنطقي، وهو كذلك إذا كنا حذرين في استخدامه، ولضمان الوصول إلى نتائج صادقة فلا بدَّ من صدق المقدمات المعتمد عليها، وإلا فلا يمكن الوثوق بالنتيجة. دعني أخبرك أن صدق المقدمات قد لا يضمن لك صدق النتيجة أيضًا، كيف ذلك؟ يمكننا أن نقع في الخطأ نتيجة عدم صحة الاقتران؛ بمعنى لو قلنا: “جميع رجال العصابات يملكون أسلحة نارية”، و”هاني يملك سلاحًا ناريًّا”، ثم استنتجنا أن “هاني من رجال العصابات”.. هل ترى ذلك صوابًا؟ تأنَّ وفكِّر؛ هل رجال العصابات وحدهم من يملكون الأسلحة النارية؟ ماذا لو عكسنا القضية الأولى لتكون “كل من يملك سلاحًا ناريًّا فهو من رجال العصابات”؟ بذلك يتبيَّن الخطأ، فكم من أناس يملكون سلاحًا ولكنهم لم يقترفوا جُرمًا قط!

هناك خطأ آخر يتعلَّق بالحكم على الكل بما يحكم به على الجزء، فلو قلنا إن “كل طائر له ساقان”، وأن “كل طفل له ساقان”، ثم استنتجنا أن “كل الأطفال طيور” فإننا بذلك نستخدم القياس دون دقة. ومن الأخطاء أيضًا التي قد يرتكبها الواحد في الاستدلال بالقياس هو الخطأ الناشئ عن الاحتكار؛ أي إن لم يكن الفرد أحد أفراد مجموعة كبيرة فإنه لن يتصف بأي صفة من الصفات، مثلًا: “رجال الدين أمناء” – “جورج واشنطون لم يكن من رجال الدين” إذًا فإن جورج واشنطون لم يكن أمينًا، وهذا الخطأ واضح بشدة، ففكرة أن رجال الدين أمناء لا تعني أن غيرهم -كالأطباء مثلًا- لا يمكن أن يكونوا أمناء.

اقرا ايضا ملخص كتاب ملخص كتاب أنا لست مجنوناً، إنما انا لست انت (الأنماط البشرية)

إنهم يخدعونك!

على العكس من الساحر الذي ترى خدعته وتعرف أنه بمهارة ما يحتال عليك، فإن المُغالط قد لا تعرف أنه احتال عليك، والحق أنه ليس كل مغالط يكون متعمِّدًا للمغالطة، فبعضهم أمناء لدرجة أنهم يعتقدون بالفعل فيما يقدِّمونه من براهين، ولكن على أي حال علينا ألا ننخدع، فبالإضافة إلى ما قدَّمناه من قبل من أخطاء في التفكير نعرض هنا صورًا أخرى للتفكير الخطأ.

يعتقد الكثير من الناس أنه من الحماقة تغيير الحكومات وقت الحرب، ويمثلون لذلك بالراكب الحصان في أثناء عبوره الشاطئ لا يمكنه تغيير حصانه، وهذا التمثيل أو التشابه بين (أ) و (ب) جيد إذا ما استخدمناه لشرح الأفكار الصعبة كما نفعل في الأحياء والكيمياء مثلًا، ولكنه كغيره قد تقع فيه المغالطة؛ ففي مثال الراكب للحصان فإنه قد يفقد حصانه فيسبح إلى الشاطئ سالمًا، وهذا هو التمثيل والتشابه، وعلى الرغم من أنه لا يثبت شيئًا جديدًا فإن الناس تستخدمه للبرهنة على ما يقولون بالاستفادة من العلاقة بين المشبه والمشبه به.

هناك نوع آخر من المغالطات نصطلح عليه (التسمية ذات الصبغة الانفعالية)، ويعتمد المغالط في هذا النوع على تأجيج العاطفة كثيرًا لإثارة الذعر فيك تجاه مرشح مثلًا؛ فيذكر المغالط أن مستر (س) رجعي في تفكيره ويتسبَّب في الخراب والضياع لذوي الدخل المحدود، هنا يدفعنا المغالط إلى إحلال المشاعر محل التفكير المنطقي. يستخدم المغالطون أساليب أخرى متعددة، منها أسلوب اللف والدَوَران؛ فهناك من يدَّعي مثلًا أن الدراسة لا قيمة لها لأن حفظ الكتب لا يفيد، يشبه تفكير هذا المغالط أسطوانة مصدوعة حيث يردد نفس الشيء بأساليب مختلفة ويقدمها على أنها براهين،

وثمة أسلوب آخر يكثر استخدامه في المحاماة؛ إثارة الدموع، حيث يعتمد المغالط على شغلك عن التفكير السليم، ومن الأساليب المستخدمة أيضًا أسلوب التعمية، حيث يركز المغالط على نقاط فرعية لا علاقة لها بالمشكلة؛ كأن يذكر المذيع أن واضع القانون الجديد كان على صلة بشخص آخر كان له ابن أخ على صداقة وطيدة بشخص سبق أن قُبض عليه بتهمة ابتزاز الأموال

يمكنك قارئة الكتاب من

عوائق ممارسة التفكير المنطقي

لا تساعدك الحروف المكتوبة عن التفكير المنطقي وحدها أن تفكر منطقيًّا، فلا بدَّ من الممارسة، ولحسن الحظ فإن أيامنا عامرة بالمواقف والأحداث والفرص المختلفة لممارسة التفكير المنطقي، وتختلف هذه الفرص والمواقف حسب درجة بساطتها أو تعقيدها؛ فمسائل العمل والدراسة والمال قد لا تحتاج إلى القدر نفسه من الجهد والوقت الذي تحتاج إليه المسائل العظيمة المتعلقة بالمشاركة الاجتماعية والتخطيط لمستقبل الأسرة على المدى البعيد.

إن فرص ممارسة التفكير المنطقي متاحة للجميع رغم أنها ليست سهلة على الدوام، ويقدم المؤلف بعض المساعدات التي تسهل اكتساب العادات السليمة في التفكير، فيبدأ بتوضيح عدة عوائق تحول بيننا وبين استخدام الوسائل المنطقية، وهي: الخرافات، والتعصُّب، والمشاعر القوية.

تشكِّل الخرافات حاجزًا بين الفرد والتفكير، والخرافة هي تلك الأفكار المختلفة التي تتعلَّق بأسباب الأشياء وعللها؛ كأن يعتقد الشخص أن انكسار المرآة يسبب سوء حظ يدوم سبع سنوات، والسير تحت السلم يسبب كارثة، ورؤية نجم من النجوم أو تدليك قدم أرنب يحقق الأماني! بل إن الشخص الذي يعتقد في الخرافات يثق بقطعة من فراء حيوان بجلبها الحظ له أو قطعة نقود قديمة أكثر مما يثق بقدرته المنطقية، فبدلًا من التفكير فيما ينبغي فعله أو في الدوافع والأسباب الصحيحة يقع الفرد في أسر هذه الخرافات رغم عدم وجود أية صلة بين هذه الأشياء ونتائجها المزعومة.

أما التعصُّب فهو أحكام تُقَرَّر قبل دراسة البراهين المؤدية إليها؛ كأن ترفض الطالب الجديد المرشح لعضوية الاتحاد لأنه من المدينة التي تتعصَّب أنت ضدها، والواجب علينا أن نتخلَّص من آفة التعصُّب هذه إن كانت عندنا وإلا منعتنا من التفكير المنطقي في كثير من المشكلات، وأما المشاعر القوية فهي كتلك الرغبة التي تدفعك إلى شراء معطف أعجبك في أحد المحلات دون أن تراجع ميزانيتك وتقرِّر على أساسها، أي إننا لا بدَّ أن نتميَّز بقدر كبير من النزاهة والحياد في التعامل مع القضايا المنطقية بعيدًا عن الأهواء والميول والأفكار المسبقة

وختامًا

لا تخلو الحياة من مشكلات، وليست الحياة السعيدة هي تلك التي تخلو من مشكلات، ولكنها الحياة التي نستطيع فيها معالجة مشكلاتنا كلما جدَّت بنجاح، ولا يساعدنا التفكير المنطقي على إنهاء كل مشكلاتنا في يوم وليلة، كما أن التفكير المنطقي ليس وحده الذي يتوقف عليه النجاح في معالجة المشكلات، بل ثمة أمور أخرى غيره كالصحة الانفعالية والجسمية، ومن أجل اعتياد عملية التفكير السليم فلا بدَّ من ممارسة التفكير المنطقي وتجنُّب المغالطات وكل ما يؤثِّر في تفكيرنا فيحيد به عن المسار الصحيح


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى