ملخص كتاب كيف انظم حياتي

مقدِّمة

في الأوقات التي تتطلب منا فيها إعادة صياغة المسلمات الأساسية، تجديد معايير الأخلاق، تمييز ما هو صواب عما هو خاطئ، وإظهار معالم الجمال وإلقاء الضوء عليها، أصبح ضروريًا أيضًا تقديم كتاب مثل هذا للقارئ، كتاب يشجعهم على إتباع النظام ويشرح لهم مزاياه ويستعرض بعض طرق تحقيقه، خاصة وأن الفوضى قد غزت كل شيء حتى أفكارنا

 كيف انظم حياتي : شخصيتك من شكل غرفتك وتنظيم حقيبتك!

قد يُثار استفسار في هذه المرحلة، قبل الغوص في أعماق طرق الإدارة وتقنياتها، وهذا الاستفسار هو: ما الضرورة للتخلي عن ما تزعمون أنه فوضوية من أجل تبني منهجياتكم المعقدة والمليئة بالتفاصيل في التنظيم؟ أشعر بالراحة والسعادة بهذه الحالة كما هي.

مع أنك قد تستريح حين ترمي أي شئ في أي موضع دون الحاجة للتفكير في مكانه الملائم، من الجلي أن إلقاء الملابس على البساط يبدو أيسر من تنظيمها داخل حاوية الملابس المتسخة.

على الرغم من أن كلًا من المسعى يتطلب القدر ذاته من الجهد والوقت، إلا أن الاعتياد على الترتيب سيختصر عليك في نهاية المطاف الطاقة والوقت وربما المال. وذلك على الرغم من الجهد الابتدائي الذي سيتوجب عليك بذله لتضفي هذه العادة على نمط حياتك.

بمجرد أن تتأقلم على القيام بهذا الأمر وبدء تنفيذه في المجالات المتعددة من حياتك، أعدك أنك ستشعر بشعور رائع بالإنجاز والسكينة والتنظيم في محيطك. إن أهم ما ستحصل عليه من كل هذا هو أنك ستكتسب وقتًا إضافيًا يمكنك من خلاله القيام بالأمور التي كنت ترغب في القيام بها ولكنك لم تتمكن من إيجاد الوقت المناسب لها سابقًا.

إذن، كيف يمكنني معرفة ما هو أسلوبي الشخصي وما إذا كنت فعلاً شخصاً لا يمتلك تنظيماً أم لا؟

يُشير الكتاب إلى مجموعة من الأسئلة الموجهة لمساعدتك في الكشف عن أسلوبك الخاص. فبناءً على إجاباتك، يمكن تحديد إن كنت شخصاً يميل للفوضى أو تتسم بالتنظيم.

إذا كنت تجيب على اتصالاتك دون تأخير، وتلتزم بالحضور في مواعيدك، بل وأحيانًا تصل قبل الوقت المحدد، وكذلك تدفع الفواتير الخاصة بك بشكل دوري، ويمكنك إيجاد ما تبحث عنه في حقيبتك بسلاسة، فأنت بلا شك شخص لديه نهج وتنظيم في كثير من شؤونه، ولكن قد يراك الآخرون صارمًا نوعًا ما وقليل العاطفة.

إذا كان حالك يتضاد تمامًا، بحيث إنك تجد نفسك غالبًا ناسيًا للمواعيد الأساسية التي قد حددتها مع الآخرين، فأنت على الأرجح شخص تسوده الفوضى ومن الصعب الاعتماد عليك في الالتزامات. وللتعرف على نمطك الخاص، هناك الكثير من الاختبارات المتاحة على الإنترنت يمكن أن تساعد في ذلك.

 وسائل تنظيمية مساعدة

لتسهيل عملية الترتيب والتنظيم عندك، خصوصاً فيما يخص إزالة العناصر التي لم تعد بحاجة إليها أو التي فقدت قيمتها، يوجد العديد من الطرق التي يمكن اتباعها. يمكنك بدءاً بتصنيف تلك العناصر وتحديد ما إذا كانت ما زالت ذات قيمة بالنسبة لك أو صالحة للاستخدام. قد تقرر الاحتفاظ ببعض الأشياء كإجراء احتياطي حتى تجد حاجة لها.

وعلى العموم، إذا مضى عامين دون أن ترتدي زياً ما، فقد حان الوقت للتبرع به. وينطبق الأمر نفسه على الكتب التي انتهيت من قراءتها والأدوات الغير ضرورية مثل أدوات المطبخ الزائدة واللوازم المكتبية.

لكي لا تقع في مثل هذا الوضع من الأساس، يجدر بك تحديد احتياجاتك بدقة منذ البداية أثناء التسوق، وأن تشتري فقط ما هو ضروري لك بالفعل، بل ينبغي محاولة الاستغناء عن بعض الأغراض. وكمنهج ذكي أيضًا، قم بتحديد ميزانيتك مسبقاً وابحث عن أسعار ما ترغب في شرائه عبر الإنترنت إذا أمكنك ذلك.

حاول دومًا أن لا تزيد على تحديدات الميزانية والقائمة التي خططت لها للتسوق، ويجدر بالذكر أن إنشاء القوائم يُعتبر من الطرق الفعالة التي تساهم في ترتيب الأفكار والابتعاد عن الارتباك وتحديد ما تحتاجه بدقة. ومع التطور التكنولوجي، أصبحت هناك مجموعة من التطبيقات الذكية التي يمكن أن تعاونك في إعداد قائمتك للتسوق، وهي قد تقدم لك خيارات تنبيه إذا ما احتجت لذلك.

تتضمن الطرق المفيدة أيضاً التبرع بالأغراض التي لم تعد بحاجة إليها للأشخاص الذين يحتاجونها، بالإضافة إلى إعادة التدوير. هناك منظمات وجمعيات خاصة بذلك يمكنها تسهيل المهمة عليك وتوفير وقتك ومجهودك، حيث أن بعضها يستطيع الوصول إلى عتبة بابك مباشرةً! العديد من الأفراد، وخاصة الشباب،

يشعرون بالملل من فكرة التكرار اليومي، بينما في الحقيقة هذا التكرار هو الذي يشكل ويؤسس شخصية الفرد من خلال تبني عادات معينة. تتخلل معظم قصص النجاح فترات من اتباع روتين محدد، وهذا الروتين يمثل وسيلة لترتيب وتنظيم الوقت سواء كان ذلك يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً أو حتى سنوياً، كما أنه يحدد لو كان بطريقة أم بأخرى ملامح يومك.

بيت مريح منظم

إن المنزل هو السكن الذي نأوي إليه بعد يوم حافل وطويل، وكون المنزل هادئًا ومرتبًا ونظيفًا يبعث على النشاط ويضيف راحة وهدوءًا لساكنيه.

هذه بعض الوسائل التي تساعدك على تنظيم أجزاء مختلفة منه:              

المطبخ مثلًا، من أكثر الأماكن التي تقضي فيها المرأة وقتًا طويلًا، وانتشرت الكثير من الوسائل والأفكار التنظيمية له بين ربات البيوت، ومن ذلك مثلًا توفير مساحات كافية لتخزين الأدوات التي تستعمل بشكل دوري والأخرى التي تستعمل على فترات بعيدة، أيضًا توفير مساحة مناسبة للعمل،

والروتين اليومي من غسل الصحون وتنظيف الموقد يجعل المطبخ نظيفًا كل يوم، وكذلك العناية بمناشف التنظيف وألواح التقطيع تجعل كل شيء في مكانه نظيفًا ومعدًّا لاستعمال معين.

هناك أيضًا غرفة المعيشة، الغرفة التي نقضي فيها تقريبًا معظم اليوم؛ نستقبل فيها الضيوف ونذاكر فيها للأبناء ونشاهد فيها مقاطع ترفيهية ونقرأ فيها المجلات والروايات، ولذا فهي من أكثر الأماكن التي تحتاج إلى عناية وترتيب وتنظيم بشكل شبه يومي إن لم يكن أكثر من مرة خلال اليوم، من خلال فرز الكتب إن كانت هناك مكتبة،

وترتيب المقاعد وتنظيمها، وإعادة كل ما ليس له علاقة بهذه الغرفة إلى مكانه.

وتعد دورات المياه من أكثر الأماكن استعمالًا وحاجةً إلى التفقد والتنظيم، وكلما كان الحمام أصغر احتجت إلى أدوات تنظيمية مساعدة، كالأرفف المعلقة والسلال وعلاقات الملابس والمناشف ونحو ذلك، لكن من المهم أن تقوم بعملية فرز لكل المستحضرات والمنتجات، فلا تترك إلا ما يُستعمل حاليًّا وخزن الباقي إلى حين الحاجة إليه لئلا تتزاحم العبوات. أما غرفة النوم، فتنظيمها يبدأ مبكرًا من الصباح بترتيب الفراش الذي يسهل عليك عملية النوم ليلًا،

كذلك تنظيم خزانة الملابس من الأمور الهامة والمساعدة على الإحساس بالراحة في غرفة النوم، وهناك العديد من الوسائل والطرق المتبعة في طي الملابس وترتيبها، التي يسهل اتباعها واختيار المناسب منها طبعًا بعد الفرز والتخلص مما لم تعد بحاجة إليه

 تنظيم خارجي

كيف يمكن التعامل مع ترتيبات العمل، والتحصيل الدراسي، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالمال؟

تصبح العملية التنظيمية ذات أهمية عظمى وضرورة ملحة لمن يملكون واجبات متعددة مثل العمال والطلاب، حيث يكون عليهما ترتيب المهام حسب الأولوية، بإعطاء الأفضلية للمهام العاجلة والهامة على غيرها، وكذلك توزيع المهام الجديدة ومراجعة السابقة، مع الابتعاد قدر المستطاع عن مصادر التشتت مثل النظر المتكرر في الهاتف والانغماس في الإنترنت واستخدام منصات التواصل الاجتماعي.

تتراكم كل هذه العوامل لتشكل قدرة على إدارة الوقت بطريقة مرنة وواقعية، ويبرز الحاجة عند الطلاب تحديدًا لضرورة بحث ومناقشة قضايا إدارة الدراسة مع الزملاء الذين سيشتركون معهم في هذه العملية.

ترتيب المقابلات يعد جزءًا من مسؤوليات العمل بوجه عام، صحيح أن هنالك تجمعات عائلية ولقاءات خاصة بمالكي العقارات السكنية، لكن بما أن الحديث يدور حول ترتيب أمور العمل، …

يجب علينا النظر في الطرق المتبعة لتنسيق الاجتماعات باعتبارها جزءاً من العملية، ويشمل ذلك تحديد زمان ومكان ومدة الاجتماع بشكل دقيق، والعمل على أن تصل الدعوات لكافة الأشخاص المستهدفين مع جدول أعمال الاجتماع والمحاور المراد مناقشتها، بالإضافة إلى تعيين شخص معنيّ بتدوين الملاحظات الهامة خلال الاجتماع. وقد سهلت التكنولوجيا الحديثة إجراء الاجتماعات عبر الإنترنت مما يخفّف الجهود المبذولة في ترتيب هذه الاجتماعات.

في إطار الحديث عن التقنية، من الضروري أن ننظم علاقتنا بها من خلال التقليل من كمية البرمجيات التي نستخدمها وعدد الملفات التي نصنعها، مع ضمان الحد الأعلى من الخصوصية والأمن. توجد أدوات وتطبيقات متعددة تساعدنا في هذا الشأن وتخفف من مشاركة معلوماتنا الشخصية، بل إنه من المستحسن ألا نشاركها أصلاً. الشؤون المالية تشكل جانباً آخر يتطلب الانتباه والتنظيم، وهذا يبدأ بفهم العلاقة الشخصية بالمال وكيفية الإنفاق. هناك مجموعة من التطبيقات التي تقدم مساعدة في هذا المجال، وبعد تتبع النفقات يمكن مقارنتها بالإيرادات لمعرفة ما يتبقى لك.

تمكنك هذه الطرق من تقييم الحالة المالية لديك بشكل دقيق، ويشمل ذلك أيضًا الاهتمام بالأساليب التنظيمية للمال مثل الإنتباه إلى العروض المتاحة وعمل مقارنات بين أسعار مختلفة، وهذا ينطبق بشكل خاص على الخدمات المصرفية. من الجيد أيضًا أن تقوم بربط بطاقاتك المالية بحسابات الدفع الخاصة بالفواتير وغير ذلك، حتى تجنب نفسك تراكم الديون عليك.

القدوة تكفي

غالبًا ما تساورنا الرغبة في أخذ إجازة للسفر مع العائلة والصغار إلى وجهة جديدة. ولكن، يمكن أن يؤدي الجهد المطلوب في الترتيب والتدبير لمثل هذه الرحلات إلى جعلنا نعيد النظر في الفكرة. قد ينتج عن الإفراط في التخطيط فقدان الشعور بالحماسة للإجازة. في الواقع، كل ما نحتاج إليه هو تحديد الوجهة، وسائل النقل، مدة الإقامة، وضمان توفر الوثائق اللازمة وتأكيد الحجوزات في الفنادق والرحلات الجوية. ليس من الضروري وجود جدول زمني مفصل لكل يوم في الإجازة – تكفي خطة عامة.

لا داعي لوضع خطة مفصلة لترتيب يومك كله، من الممكن أن يكون التحضير للسفر وتعبئة الأمتعة عملية معقدة، لكن الأمور قد تصبح أسهل بالقليل من الترتيب وتصنيف الأغراض على أساس الاستخدام، بالإضافة إلى الانتباه للحالة الجوية واختيار عدد من الملابس المناسبة، والاستفادة من خدمات غسيل الملابس وكيّها في الوجهة التي تقصدها.

بالتالي، ستكون حمولتك من الملابس أخف، ومع هكذا إجراءات تنسيقية يسهل ويسرع من عملية ترتيب الحقائب. وتجدر الإشارة إلى أنه عند السفر جوًا يتوجب عليك التقيد بحد معين للوزن، فلا تغفل عن هذا. أما في العوائل التي بها أطفال، فيعتبر التنظيم للرحلات من الأساليب العملية الفاعلة التي تنمي حبهم للترتيب وتعلمهم أصوله وطرقه، حيث يشاهدون كيفية تعاطينا نحن مع الحقائب والملابس والمستندات الرسمية والأدوات.

سواء كان التعلم منظمًا أم غير ذلك، سيكتسب الأطفال الخبرة أيضًا. توزيع المهام المنزلية وطلب المساعدة من الأطفال يمنحهم شعورا بالمسؤولية ويجعلهم يحسون بأنهم عنصر فعال في العائلة وأن لهم دورًا يؤدونه. قد لا يظهر هذا التأثير منذ البداية، ولكنه سيتشكل تدريجيًا مع الزمن. الأمر يستحق الجهد من أجل بناء أسرة تعاونية ومرتبة. فيما يتعلق بالأطفال، على سبيل المثال، يمكن تكليفهم بمهمة جمع الألعاب بعد الانتهاء من اللعب.

في السفريات، يمكن لطفلك ترتيب شنطته بذاته بقليل من المعونة، مع تحضير لائحة بالمستلزمات التي سيحتاجها فيها، وذلك ليتأكد من عدم فقدان أي شيء. كذلك، إدارة مكالمات الهاتف، إطعام الحيوانات الأليفة، وتنظيم الغرف، جميعها أعمال يومية يستطيعون تعلم الكثير من خلالها.

ختامًا

قد يجد العديد منا صعوبة في اتباع هذه الممارسات أو إقامة نظام يومي يرتكز على التنظيم، لاسيما الذين غير معتادين على ذلك ولديهم أسلوب حياة مُحمّل بالسرعة. من المتوقع أن يستلزم الأمر وقتًا للتأقلم معه، ولكن يجب اعتباره عادة جديدة صحية وإيجابية، وتجدر بها أن تُضمّ إلى روتيننا اليومي، تمامًا كالقيام بالأنشطة الرياضية أو تناول طعام صحي. صحيح أن الأمر يتطلب القليل من الصبر، ولكن في النهاية ستكون النتائج لافتة.