مختصرات كتب

ملخص كتاب الشخصية كيف تطلق قواك الخفية

نحن كثيرًا ما نتسائل كيف يتمكن بعض الأشخاص من النجاح بينما يفشل آخرون، وما هي سرّ تحقيقهم لانجازات لافتة. الجواب يكمن في بساطته: إذ يعود ذلك إلى أن هؤلاء الأشخاص يعرفون ذواتهم جيدًا، ويدركون مواطن القوة والضعف لديهم. لقد توجهوا نحو الأنشطة التي تتناسب مع مهاراتهم الخاصة، وعكفوا على تحسين نقاط الضعف لديهم وتفادي المواقف التي قد تبرزها. بدلًا من اتباع النهج التقليدي الذي اختاره الجموع، قرروا اتخاذ مسار مختلف يجعل من مهامهم شيئًا مميزًا وفريدًا.

الشخصية

غالبًا ما استفسرنا ما إذا كانت شخصياتنا الحالية مُنذ الولادة أو تطورت مع تقدمنا في السن. في الحقيقة، كلا الاحتمالين لهما وجاهتهما؛ حيث أننا ولدنا بصفات نظل نحملها حتى الآن، وحتى العلماء ينوهون إلى أن ما يقارب النصف من خصائص شخصيتنا قد يكون متأصلاً وراثيًا. رغم ذلك، تُعتبر هذه الصفات مجرد مخطط أولي، ومن ثم تسهم عملية التربية والتنشئة في إدخال تعديلات كثيرة على الصيغ اللاحقة لشخصيتنا.

امتلاك بعض الأنظمة والتخطيطات قد يحفظ الزمن دون الحاجة لمعاناة تفكير مُجهِد، وإدراك ماهية شخصيتك والأنظمة والتصاميم الحاكمة في حياتك يشكل الخطوة الأساسية نحو النجاح، من خلال إيجاد الفرص التي تمكنك من استثمار مهاراتك البارزة.

البحث عن مؤسسات وأرباب عمل يقدرون أسلوبك في العمل، وتعويض مواطن القصور لديك بالتعاون مع أفراد ماهرين في المجالات التي تفتقر إليها، ويعتقد كثير من الناس أن تغيير شخصياتهم هو أمر لا يمكن تحقيقه، لكن في الواقع، يستطيع كل شخص أن يغير من سلوكياته إذا ما كان لديه الرغبة واستعد لبذل جهد في سبيل هذا التغيير.

إن ترديد جمل مثل “لا أستطيع فعل ذلك، خُلقت هذا الشكل ولن أتبدّل” ليس سوى أعذار زائفة تكون مؤقتة، قد تساعدك في الخروج من ورطة لحظية، ولكنها في المقابل ستؤدي بك إلى الاستمرار في عادات سلوكية ضارة. وعلى النقيض مما تعتقد، النجاح لا يحتاج منك إلى تغييرات جذرية في شخصيتك، بل مجرد تعديلات صغيرة وبعض الإصلاحات الذكية كفيلة أن تؤدي المهمة.

الفضول وحب الاستطلاع

يذكر أن الفرد الذي لديه ميول استطلاعية محدودة هو شخص عملي وموثوق به جدًا، فهو حساس وعمومًا يعد صاحب النبرة العقلانية داخل جماعته، ويهوى التعاطي مع الوقائع أكثر من الأفكار والفرضيات؛ إذ لا يميل إلى تضييع الوقت في الأوهام، ويسعى للحصول على الإجابات عوضًا عن التحاور حول تساؤلات جدلية، وليس من هوايته هدم مفاهيم الآخرين، وإنما يطمح لاستنباط حلول عاجلة، ومن الممكن أن يشعر البعض بالإحباط من الأشخاص الذين يغرقون في خيالاتهم وأحلامهم النهارية؛

يتناولون مقترحات جبارة لكنها نادرًا ما تصير حقيقةً، لذا يجب علينا أن ندرك كيف يمكن للفكرة أن تُسهِم في تحسين الأداء، وإذا لم تتطور لتصبح أداة أو سلعة مُستغَلة في الحاضر فنفضِّل تجنُّب اهدار الزمن بالتمعن فيها. وفي المقابل، الفرد الذي يتمتع بمستوى عالٍ من الحب للمعرفة يكون مبدعًا ويعتمد التفكير الإبداعي؛ فهو شخص فضولي يمتلك خيالًا واسعًا وقدرة على الابتكار، ونظرة ثاقبة، ويعشق الغوص في أساليب عمل كافة الأمور.

قد يفارق الحياة إذا ما أوقف نزعته للتساؤل، ويتقن كذلك استقاء الأفكار من أشخاص متنوعين وتنسيقها معاً بأساليب مبتكرة ونافعة، وهو قادر على ربط مفاهيم قد يجدها البعض متباعدة، ويعتمد عليه في تقديم أفكار جديدة لتحريك المناقشات. يعمل على ابتكار حلول جديدة لمشاكل مستعصية ويتفتح على مفاهيم حديثة، يعتبره الآخرون متهوّراً بعض الشيء ومجنوناً، ويعود ذلك إلى عدم مشاركتهم لمستوى خياله الواسع.

المرونة

درجات المرونة تختلف من شخص لآخر. الفرد الذي يتمتع بمستوى مرونة منخفض يسعى إلى القيام بعمل جاد ويرغب في كسب الحب والنجاح، غير أنه يعاني من القلق بشأن الوقوع في الأخطاء وينزعج من تلك التي ارتكبها في الماضي. يزداد هذا الشخص قلقًا عندما يواجه ضغوطًا، مثل وجود موعد نهائي لتسليم عمل أو عندما يشعر بأن هناك من يراقبه. القلق يمكن أن يكون مفيدًا أحيانًا.

يتميز بالوعي تجاه نقاط ضعفه ويسعى لتطويرها، كما أنه قادر على التنبؤ بالمشاكل قبل وقوعها ويلفت النظر بنظرته النقدية. إذ يمتلك القدرة على إنهاء الأفكار والمشاريع الناشئة قبل تبلورها، وهو دوماً يسعى لخفض مستويات التوتر لديه لكنه يخفق في ذلك، حيث يعتبر هو أشد خصوم نفسه إذ يمارس النقد الذاتي بحدة تفوق ما يمارسه الآخرون تجاهه. ويعطي الأولوية والاهتمام لعمله وعائلته والمجتمع أكثر من غيره.

هل ستكون فكرة جيدة أن يسيطر على قلقه ويحكم عواطفه؟ من ناحية أخرى، نجد أن الشخص الذي يتمتع بمرونة عالية يتسم بالهدوء والثبات والصبر. فهو لا ينزعج بسهولة، ويواجه الانتقادات بقوة، ولا يلجأ للبكاء بسرعة. يستطيع التعامل مع الضغوط بابتسامة، ويحفظ تماسكه ويسيطر على مشاعره حتى في أسوأ الظروف. يرى العالم كمكان مريح ويعتقد أن الأغلبية من التحديات التي نواجهها ليست خطيرة أو مهمة، ولا يستغرق وقته في التأمل بنواقص الماضي أو أخطائه. ولا يجد سببا للقلق، لأن الحياة أقصر بكثير مما يعتقد البعض.

الحرص في العمل

من الممكن معرفة درجة الانتباه والعناية التي يتحلى بها الأفراد أثناء أدائهم للعمل بدءًا من عمر الأربع سنوات، حيث تتباين الفئات وفق هذا المعيار إلى فئة لديها مستوى ضئيل من الدقة والإتقان في العمل، أي الشخص الذي يتبع سياسة الاغتنام دون الالتفات إلى المخاطر، وهذا النوع من الأشخاص يتصف بالمرونة ويمكن الوثوق بهم، ويشعرون بالسرور في بيئة مليئة بالحركة والتحولات، ويزدهرون ويحصدون الإنجازات من خلال التركيز على الزمن الراهن دون التفكير في المستقبل المجهول.

يشعر بالانزعاج من التقيد بخطط ثابتة، ويجد النقاشات النظرية التي لا تثمر أمراً مملاً. إذا ما ظهرت أمامه فرص، فإنه ينقض عليها فوراً بدلاً من أن يضيع الوقت في دراستها. إذا واجهته أي أخطاء غير متوقعة، فهو يتكيف معها بسهولة ويواصل حياته بلا عوائق. يتمتع بحب اكتشاف طرق جديدة ومبتكرة لأداء مهامه، بعيداً عن الالتزام بقواعد صارمة. هناك أيضاً الشخص الآخر الذي يتميز بمستوى عالٍ من الدقة والتنظيم في عمله؛ شخص يُعتمد عليه وتوضع فيه الثقة.

دائمًا ما ينجز ما يُطلب منه بنجاح، ويغبطه زملاؤه على استطاعته المحافظة على المرتبة الأولى في كل المجالات، يضع لنفسه وللآخرين معايير عالية، ويولي اهتمامًا بالغًا بالتفاصيل ونادرًا ما يخطئ. يعي تمامًا ما ينبغي عمله ويخطط ويقوم بتقييم الخيارات ويترك هامشًا صغيرًا للصدف. لديه حسٌ فطري يدفعه لخلق نظام في بيئته، ويكن الاحترام لقوانين اللعبة ويعتبر أن وجودها له مبرره. هو شخص يتسم بالحذر وموثوق فيه، ولا يخيب ظن أحد، مما يجعل منه صديقًا وفيًا ومواطنًا منضبطًا مثاليًا يُحتذى به.

حصد المعرفة

يتعلق هذا الجانب بمدى شغف الناس أو مقاومتهم لعملية التعلم؛ فمنهم من يُقبِل على الكتب والبرامج التعليمية في حين يمتنع آخرون عنها. فالفرد ذو الاهتمام المحدود بكسب العلم يميل إلى التنفيذ بدلاً من الدراسة عن الموضوع، ويكون مشغولاً بالعديد من الواجبات التي يجب أداؤها، لذا يُمكن التسامح معه لفضله القيام بالأنشطة على حضور الدورات التعليمية أو قراءة كتاب حول نظرية ما. يحس باستمرار بأنه مُثقل بالمسؤوليات التي يحتاج لمعالجتها.

يدرك الشخص أن العالم ليس بالمثالية لتتاح له الفرص الكافية للتفرغ للدراسة وحضور الدورات التدريبية. فعندما يصادفه تحدي ما، يميل إلى الاستعانة بآخرين بدلاً من أن يبحث ويقرأ عن الحل بنفسه، حيث يفضل اكتساب المعرفة عبر تناول النقاش مع معارفه أو مراقبة شخص آخر يمر بنفس التجربة. على النقيض من ذلك، يشعر الإنسان الذي يتمتع بمستوى عالٍ من طلب العلم بشغف كبير نحو التعلم واستكشاف العالم المحيط به، ويسعى للمزيد من كل شيء ممكن. وهو يجد المتعة في الدراسة ويسرّه تحقيق نتائج عالية في الامتحانات.

بغض النظر عن أسلوب حياته، يظل متلهفًا ومتحمسًا لقراءة كل ما هو جديد من تطورات علمية وثقافية. غالبًا ما يكون في طليعة المعجبين والداعمين لأحدث الكتب، الأفكار، الطرق، الأفلام وحتى الأجهزة الإلكترونية. ليس بحاجة إلى من يحثه على حضور الندوات التعليمية أو الدورات الدراسية، إذ يعتبر التعليم جزءًا أساسيًا من نموه وتطوره الشخصي. ويكمن حلمه الأكبر في الحياة في توافر الوقت والموارد المالية لكي يتمكن من المشاركة في المزيد من هذه الفعاليات التعليمية.

 الطموح

يتحلى كل فرد بالطموح بشكل معين يتباين من واحد لآخر. فالذين يملكون طموحًا محدودًا يشعرون بالقناعة تجاه حياتهم ووظائفهم، ويعون ضرورة الموازنة بين العمل والحياة الخاصة. لا يرون أن العيش الرغيد معلق بالتتويج بالألقاب أو تسلق السلم الوظيفي بشق الأنفس. يولون اهتمامهم للتمتع بالحياة على هذه الأرض، ولا يرون حاجة لأن يكونوا في الصدارة ليستشعروا الرضا. يميلون للتحلي بالهدوء في الخلفية، ويراقبون الآخرين وهم يتبارون للفت الأنظار.

يتحاشى المرء الغوص في سياسات الشغل وما يعترضه من تحديات، غالبًا ما يشعر بالسرور حين يكون عضوًا في الفريق، مؤمنًا بأن الحياة الحقيقية تتجلى في ما يفعله بعيدًا عن العمل. يعتقد أن الحياة زائلة وأن النجاح مُبهر، لكنه ليس مستعدًا للتضحية بكل شيء في سبيل تحقيقه. أما الشخص صاحب المستوى العالي من التطلعات فهو مجتهد، يسعى دومًا للقيام بالمزيد، يتحلى برغبة وحاجة مستمرة لإنجاز إنجازات أكبر، يستهلك نفسه وهو يبحث عن غاية أو مقصد يصب فيه جُهده وطاقته.

يميل كثيرًا للضغط على نفسه من أجل تحقيق أهدافه وطموحاته التي قد تبدو أحيانًا متهورة بشكل كبير، فيطمح لتوسيع نطاق الأهداف التي يسعى لها، معرضاً نفسه لأعمال صعبة، لأنه يعي تمامًا قدراته على إنجاز المزيد. ينفر من فكرة إضاعة وقته دون عمل، ويفضل أن يكون في حالة انشغال دائم وتحت ضغط بدلاً من أن يُطلب منه التريث. يسعى للتفوق والفوز ولا يرضى بمجرد الاشتراك في الأمور، آملاً دوماً في تقديرات رفيعة ومدركًا في أعماقه أن المركز الثاني لن يلبي طموحاته أبدًا.

 إلى المستوى التالي

كل إنسان يتميز بشخصية خاصة به، تتراوح بين مستويات عالية ومنخفضة في مختلف جوانب الشخصية. من الضروري أن يعي الشخص مكامن القوة والضعف لديه. وهناك خمس خطوات بسيطة يمكن أن تساعدك على صياغة خطة عملك الشخصية وتحقيق أهدافك، وتتمثل تلك الخطوات في اختيار البيئة المناسبة لك، وتحمل مسؤولية التغيير كخطوة أولى، والموافقة على أداء المهام التي تتناسب مع قدراتك قدر الإمكان، وكذلك رفض المهام غير المناسبة بلباقة.

ابتعد عن الأنشطة اليومية التي تستنفد طاقتك، واستمع إلى صوتك الداخلي الذي يعكس هويتك الحقيقية، واستغل مواهبك لتتكيف مع الظروف بما يناسب طباعك الخاصة. ركّز على تعزيز نقاط قوتك وافعل ما بوسعك لتغيير العادات السلبية في سلوكك. أما الخطوة التالية فهي تحديد أولوياتك استنادًا إلى مكانتك وتقدمك في كل جانب من جوانب شخصيتك المتعددة، ومن ثم، الخطوة الثالثة تكمن في الأخذ برأي شخص آخر، بشرط أن يكون هذا الشخص ممن يعرفونك عن قرب.

يأمل لك بالتوفيق ويكن الاحترام لما تهتم به ويقدره، ويزودك بالحقائق عن نفسك في كل وقت. أما الخطوة الرابعة فتتمثل في انتقاء أفضل ثلاثة أعمال تقوم بها، مع مراعاة أفكارك ومهاراتك ووجهة نظر الآخر. وفي النهاية، ضع لنفسك أهدافًا تستطيع تحقيقها. إن الأشخاص الذين لديهم أهداف غير واضحة يجدون أنفسهم عادةً يعودون إلى نفس العادات القديمة. لذا تأكد من أن أهدافك تتسم بأنها مهمة وصعبة البلوغ وإيجابية وواضحة ومحددة زمنيًا.

وختامًا

بمجرد وصولك إلى هذا الحد، اكتشفت المسار الذي يتعين عليك سلوكه، حان الوقت للخروج إلى العالم وتحويل تطلعاتك إلى حقيقة عبر التفاعل الفعّال، واجعل تطوير ذاتك وتحسين شخصيتك هدفاً دائماً، ويومياً إن أمكن. وحالما تتعرف أكثر على شخصيتك المميزة وتسيطر على جوانبك الغريزية، عليك ألا تقف عند ذلك الحد، بل استعن بالأساليب السبعة لفهم كيفية تفكير الأشخاص من حولك والدوافع التي تنبه حماستهم، وتفسير الأسباب التي قد تؤدي إلى تناقضات أحياناً معهم، وأيضاً كيف يمكنك الاستفادة قدر الإمكان من الخصائص الفردية لشخصيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى